الأربعاء، 20 أبريل 2011

سهم لكل الطغاة

أعطت الطبيعة لكل فرد فيها ملكية فردية بحكم الطبيعة،لا يجوز لأحد الاعتداء عليها أو اغتصابها :فكل فرد بنفسه له نفسه المكتملة و الا لماكان هو نفسه و لا يحق لشخص اخر ان يتجرأ على حرمانه من اى جزء منها دون أن يعد ذلك انتهاكا علنيا و تحديا لمبادىء الطبيعة نفسها و لقواعد الماواة والعدالة بين الانسان والانسان،لايمكن أن يكون ما هو لى هو لك و لا يمكن أن يكون بهذا الصدد سوى هذه الحقيقة :ليس لإنسان سلطة على حقوقى و حرياتى،وليس لى سلطة على حقوق شخص آخر و حرياته،أنا لست سوى فرد،أتمتع بشخصى و إمتلاكى لذاتى ،ولا أحب أن أظهر بغير ما أنا عليه ، أو أتجاوز إلى ما هو خارج ذاتى ،لو فعلت ذلك فسأكون معتديا و منتهكا لحقوق شخص آخر،وهو ما لا حق لى به لأن الناس متساوون عند الولادة ،وجميع الناس يولدون و لديهم حب الملكية والحرية،و يخلقنا الله بيد الطبيعة فى هذا العالم و نحن نتمتع بحرية طبيعية وفطرية و تقويم حسن(كما كتب فى اللوح المحفوظ لكل إنسان و لا يمكن محوها أبدا) لكى يعيش كل منا على قدم المساواة مع الاخرين متمتعا بحقوقه و امتيازاته الطبيعية، و بكل ما خصه به الله بطبيعته ليكون حرا.
وهذا بحكم الطبية ما يرغب فيه كل إنسان، ويسعى إليه، و يحتاج له ، لأنه ليس هناك من إنسان يمكنه بصورة طبيعية  أن يجعل جاره يخدعه و يسلب حريته أو يصبح عبدا لجاره بفعل قوته ، لأن غريزة الطبيعة أن تحافظ على نفسها من كل ما هو ضار و كريه ، وهذا ما تمنحه الطبيعة للجميع فى إطار من المعقولية والمساواة والعدالة ، ولا يمكن استئصاله من الجنس البشرى ، حتى لفترات محدودة فى حياة المخلوق. و من هذا النبع أو الجذر تستمد كل قوى البشر اصولها؛ليس مباشرة من الله ( كما يدعى الملوك أنهم منحوا امتيازاتهم) بل بوساطة الطبيعة،أى من المتمثل للممثلين؛لأن الله كان قد زرعها أصلا فى المخلوق ومن الخلوق تنشأ هذه القوى فورا؛ و لا أكثر من ذلك. ولا يمكن نقل شىء آخر إلا ما هو فى صالح المخلوق وسعادته و سلامته. و هذا هو امتياز الانسان و لا أكثر من ذلك و لايمكن إعطاء أو تلقى أكثر من ذلك : حتى ما هو مفضى الى صالح أفضل و سلامة وحرية أكبر، ولا أكثر من ذلك.
من يعطى أكثر يرتكب خطيئة ضد جسده ومن يأخذ أكثر فهو لص و سارق لبنى جنسه.كل إنسان بحكم الطبيعة هو ملك و قسيس ونبى فى محيطه و نطاقه الطبيعى ، وليس لأحد أن يشاركه فى ذلك إلا عن طريق الانتداب أو التفويض أو القبول الحر من قبله لأن ذلك هو حقه وحريته الطبيعيين.............لأننا أبنا آدم بحكم الطبيعة ومنه نستمد بصورة مشروعة تقويمنا الطبيعى و حقنا الطبيعى و حريتنا الطبيعية التى نحن فقط من يحتاج اليها و كيف يكون من الانصاف أن تنكرها علينا فهذا ما لايمكننا أن نفهمه ؛إنها الحقوق و الامتيازات العادلة للجنس البشرى (حيث شعب إنجلترا هم الورثة الشرعيون إضافة إلى الشعوب الأخرى) و هى الحقوق و الامتيازات التى نريدها : و أنتم بالتأكيد لن تنكروها علينا كيما نكون رجالا و نعيش كرجال؛ و إذا أنكرتموها فسيكون ذلك أقل مدعاة لسلامتكم و سلامة ذريتكم بقدر ما هو أقل مدعاة لسلامتنا و سلامة ذريتنا ، لأنك يا سيدى إن أذقتنا طعم أى لون من العبودية أو الطغيان فإنك بالتأكيد أنت ، أو ذريتك ستذوقون حثالة ذلك الطعم ،لأنه إذا اتفق و فقا لسياستكم الحالية و قوتكم (التى تسيئون استخدامها) أن  تمنحونا هذه الحقوق و الامتيازات من قبلكم بشكل خاص ،ومع ذلك فإن ذريتكم ستتصرف بالطريقة التى تقدرون عليها الآن ،فإن تلك الحقوق و الامتيازات ستبقى عرضة لذلك الخطر.


لم أصدق أن هذا المقال كتب فى القرن السابع عشر الميلادى وتحديدا سنة 1646 فكل ما كتب فى هذا المقال و كأنه يتحدث الآن و ليس منذ أكثر من ثلاثمائة عام.
حينما كتب زعيم الليبراليين فى بريطانيا فى ذلك الوقت ريتشارد أوفرتون كان مسجونا من قبل مجلس اللوردات نتيجة لكفاحه نحو الحرية والعدالة والديموقراطية بل و كانت البلاد ترزح تحت نير حرب أهلية استمرت نحو سبع سنوات ( 1642-1649) و لكن لم تمثل هذه الحرب الأهلية أى مدعاة لأن يتحدث الرجل عن استخدام القوة أو العنف بل نراه يخُوف خصومه من مصير أبناهم إذا هم لم يستيجيبوا لما أسماها الحرية الطبيعية التى حباها الله للأنسان.

إن من يتحدثون عن مساؤىء و عيوب الليبرالية فلينظروا  إلى ما جلبته علينا الأنظمة الشمولية من فساد وخراب و هلك للحرث و النسل و ظلم للعباد.و كذلك يتحدث البعض عن الدولة الدينية باعتبارها المنقذ و أنا أسأل إن كان البعض ممن يدعون لدولة دينية يضيق ذرعا بكتاب أو رواية أو فيلم و يقيم الدنيا ولا يقعدها بحجة مخالفة ذلك لتعاليم دينه (أيا كان دينه) فكيف سيتحملون نقدا لقرار أو مقالة تهاجم أحدهم ،حتى و إن كان ما يقول مستندا لشرع أو عقيدة لأننا هنا نتحدث عن أمور دنيوية تتعلق بمعايش الناس و حياتهم و التى قال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم "أنتم أعلم بشئؤن دنياكم" خاصة و أن البشر اليوم ليسوا كما فى الماضى من ناحية السلوك و الوعى و الاحتياجات و التى قد تدفع البعض -وهذا وارد- لأن يستغل الدين لتحقيق منافع دنيوية -و هذا ليس عيبا- و لكن على حساب الناس .
ربما لم تكن إنجلترا و مازالت دولة راعية للحرية ولكن أظن أن أهلها عندهم من الحرية و الديمقراطية ما يكفيهم و ذلك نتيجة لكفاح أناس مثل "ريتشارد أوفرتون" و لكن الفرق أن كفاحهم و تحملهم كان مبكرا قليلا عنا نحن العرب و المسلمين ( يعنى حوالى 400 سنة بس).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق