الخميس، 22 ديسمبر 2011

أفضل الحلول الممكنة...قراءة فى ضوء التجربة التركية

سواء اختلف البعض منا أو اتفق بشأن تركيا وحزب العدالة والتنمية إلا أنه ينبغى لنا أن ننظر إلى تلك التجربة و نتعلم منها بجدية فقد وصل الحزب إلى السلطة عام 2002 فى ظل بلد تحكمه الجنرالات التى بزعم حماية القيم العلمانية فى تركيا قامت بإنقلابات عدة ضد كثير من الحكومات سواء إسلامية أو لا أشهرهم الانقلاب الذى تم ضد رئيس الوزراء الأسبق أربكان ذو التوجه الإسلامى ،فى ظل بلد بمثل هذه الظروف ماذا فعل حزب الحرية والعدالة بقيادة أردوجان ؟
1-طمأنة القوى المتخوفة من الحزب ذو التوجه الإسلامى بالتأكيد على علمانية الدولة.
2-محاولة تحييد الجيش وجنرالاته وعدم الدخول فى صدام مباشر معهم خاصة فى الفترة الأولى من حكم الحزب.
3-بناء دولة حديثة واقتصاد قوى و الانغلاق شبه التام سياسيا بمعنى التركيز على البناء بدون أى فاعلية سياسية خارجية بإستثناء محاولات مستميتة من تركيا لدخول الاتحاد الأوروبى.
و بعد تلك النجاحات بدأ الحزب فى إظهار قوته
فماذا كان رد الفعل من العسكر بعد نجاح الحزب الساحق ؟
2007( -- هيئة الاركان العامة تتدخل في الانتخابات السياسية بارسال بيان عبر البريد الالكتروني وصفه منتقدون بأنه "انقلاب الكتروني". واثار الاجراء رد فعل عاما غير مسبوق من الحكومة. وانتخب عبدالله جول الذي عارض الجيش انتخابه رئيسا للبلاد وفاز حزب العدالة والتنمية الحاكم بنصر ساحق في الانتخابات البرلمانية بعد ذلك. -- ظهرت على الساحة لاول مرة جماعة عرفت باسم ارجنيكون في يونيو حزيران عندما تم ضبط مخبأ يحتوي على مواد متفجرة في غارة للشرطة على منزل باسطنبول. وقال المدعون ان الجماعة كانت تخطط لعمليات اغتيال وهجمات بالقنابل لزعزعة الاستقرار ولتمهيد الطريق لتدخل عسكري جديد.

2008/9 -- اعتقال الجنرالين المتقاعدين سينر ايرويجور القائد السابق للقوات شبه العسكرية وهورسيت طولون القائد السابق للجيش في يوليو تموز 2008. الجيش ينفي اي علاقة بالجماعة المعروفة باسم ارجنيكون. -- اكثر من مائتي شخص بينهم جنرالات كبار يمثلون بالفعل للمحاكمة بتهمتين سابقتين في القضية.)
 ثم تختتم ردة فعل العسكر فى بداية 2010 بمحاولة انقلاب أخرى شارك فيها 17 جنرال و 4 ضباط برتبة لواء بحرى و أيضا 28 ضابط ممن يوصفون برفيعى المستوى من ضمنهم قائد سلاح الجو الأسبق و أيضا قائد سلاح البحرية الأسبق.

لم يضع الحزب وقتا بعد كل ذلك فدعا فى نهاية 2010 إلى تعديلات دستورية نصت على  إعادة هيكلة أجهزة القضاء، وزيادة الحريات والحقوق الفردية والجماعية، وتغيير بعض الصلاحيات المتعلقة بالجيش،و ينجح الحزب للمرة الثانية و بأغلبية فى ذلك الأستفتاء و إذا نظرنا إلى بعض نصوص التعديلات سندرك أن الحزب نجح فى أن يكون قوة تقف فى وجه العسكر فى تركيا فالإصلاحات طالت القضاء العسكري، الذي لم يعُـد من مهمّـته حصريا محاكمة العسكريين، حيث أصبح ذلك من صلاحيات المحاكِـم المدنية في حالات لا تتعلّـق بمُـخالفات عسكرية داخلية. إضافة إلى ذلك، لم يعد لمجلس الشورى العسكري الأعلى، حرية التصرّف بطرد الضبّـاط والجنود من الجيش، من دون أي مراجعة. وأصبح للمطرودين الحقّ باستئناف قرار طردِهم أمام المحاكم المدنية، وهنا يجدر التذكير بأن المطرودين خلال السنوات الماضية، يعدّون بالمئات.

الخلاصة أن السياسة هى فن الممكن و إذا كان من الممكن إخراج العسكر فى مصر بنفس الطريقة فلماذا لانسلك ذاك المنهج وهذا الطريق؟طريق الانتخابات الذى بدأ بالفعل و الذى تحاول كثير من القوى فى مصر الان تعطيلها أو إعطاء الفرصة ربما بدون قصد للعسكر لتعطيلها و إضاعة فرحة هذا الشعب بديمقراطيته و أيضا إعطاء الفرصة للعسكر لإستعمال مزيد من العنف وربما فرض أحكام عرفية تأتى فى الطريق.
إن الأستلهام من التاريخ وقراءته ربما يعلمنا بعض الأشياء فليس بحسن النوايا وحدها تبنى الأمم و ربما حين يقرأ البعض منا التجربة التركية لا يرى إلا نجاحا للأسلاميين ضد العلمانيين ولا يرى نجاحا للشعب و قواه المدنية ضد العسكر الذين سيطروا على البلاد منذ انقلاب أتاتورك و حتى حجمهم أردوغان ورجاله.

الخلاصة ينبغى أن نراجع أن أنفسنا و أن نبحث دائما عن الأصلح فى ظل الممكن فالعسكر فى مصر يبحثون عن خروج امن و يتملكهم رعب من مصير ربما يكون كمصير مبارك و أعتقد أنه ينبغى أن نصبر إلى أن تنتقل السلطة من بين أيديهم بطريقة ربما هى الأفضل و هى فرصتهم الأخيرة فى نفس الوقت (الانتخابات) ثم يحين وقت الحساب.