الجمعة، 21 سبتمبر 2012

عن أزمة الوعى العربى و أزمة الوعى الأوروبى





"العام 1593،شاع نبأ أن أضراس أحد الأطفال سيليزيا http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B3%D9%8A%D9%84%D9%8A%D8%B2%D9%8A%D8%A7
البالغ من العمر سبعة اعوام ،قد وقعت ،فنبت له ضرس من الذهب مكان أحد أضراسه الكبيرة،فكتب هورستيوس ،أستاذ الطب فى جامعة هلمشتاد  ،العام 1595 ،قصة هذا الضرس ، وزعم أنه كان طبيعيا فى قسم منه ، وفى القسم الثانى عجائبيا ،و بأنه أرسل من الله كى يعزى المسيحين المكدرين من الأتراك.
تصوروا أى علاقة لهذا الضرس بالمسيحين أو بالأتراك. وفى العام نفسه ،ولكى لا يفتقر هذا لضرس لمؤرخين ،كتب  رولانودس أيضا قصته وبعد عامين كتب عالم اّخر هو إنغولستيتروس ،ضد الشعور الذى  كان لرولاندوس من الضرس الذهبى .وفورا أجابه رولانودس برد جميل وعلمى .ثم إن رجلا كبيرا اّخر ،يدعى ليبافيوس،جمع كل ما قيل عن الضرس، وأضاف إليها شعورا خاصا. ولم يكن ينقص كل هذه المؤلفات الجميلة الإ أن يكون الضرس بالحقيقة من ذهب .و عندما تفحصه أحد الصاغة ،وجد أن هناك ورقة من ذهب قد ألصقت بكثير من البراعة على الضرس، ولكن كان قد بدىء بتأليف الكتب وبعد ذلك استشير الصائغ.
لا شىء طبيعيا أكثر من أن ينطبق ذلك على كل أنواع المواضيع. إننى لست شديد الإقتناع بجهلنا بسبب الأشياء الموجودة والتى لا نعرف علتها،بقدر تلك التى لا وجود لها  البتة ونعرف علتها.ذلك يعنى ، ليس فقط أنه ليس لدينا الأسس التى تقود إلى الحقيقة ولكن يوجد لدينا أسس أخرى تناسب كل ما هو كاذب....................
عندما نكتب بالأخص عن أحداث لها علاقة بالدين يكون من الصعب وبحسب الفريق الذى نحن منه ألا نعطى لدين كاذب ميزات حسنة لا يستحقها أبدا ،أو ألا نعطى لدين صحيح ميزات كاذبة ليس بحاجة إليها.مع ذلك يجب علينا أن نكون مقتنعين بأننا لا نستطيع أبدا إضافة حقيقة إلى التى هى حقيقة ولا إعطاء حقيقة إلى التى هى كاذبة...."
هكذا يحكى المؤرخ الفرنسى بول هازار فى كتابه الرائع "أزمة الوعى الأوروبى 1680-1715" على لسان أحد نقاد تلك الفترة هو الكاتب والناقد فونتنيل منتقدا فكر الخرافة والأسطورة الذى كان شائعا فى تلك الفترة والذى أيضا كان محاربا بقوة من كتاب أمثال فونتنيل وبايل وغيرهم.
أثناء قرائتى لهذا الكتاب ثارت تساؤلات من عينة هل نحن أيضا نمر الاّن بتلك الفترة التى تسبق نهضة الأمم كما نهض الغرب على سبيل المثال بعدما كانت أفكارهم تموج بالخرافات و الأساطير كما هو حالنا نحن الاّن ربما.
لاحظت شيئا هاما جدا هو أن الغرب لم يتقدم إلا عندما تخلى عن تعصبه وتشدده وانفتح على الاخر انفتاحا استطاع عن طريقه رؤية الاخر من داخله ومن خلال ثقافة ذلك الاّخر وليس من خلال نظرته العنصرية الفوقية خذ مثلا –والتى تأخذ منحى اّخر عندنا هو منحى الكفر والايمان-ذلك الذى جعل كثير من علماء الغرب ينظر نظرة مختلفة إلى النبى محمد صلى الله عليه وسلم  يقول هازارد فى كتابه  "لقد جعل هؤلاء العلماء الناس يلاحظون أن جمهورا عريضا ما كان ليتبع محمدا لو كان صاحب تخيلات ومصابا بالصرع.ما كان على الإطلاق باستطاعة دين ما يوصف بأنه بدائى وبائس أن يحيا وان يتقدم. ولكن لو سألنا العرب عوضا عن تكرار تلك الأساطير الأكثر تزيفيا لتبين أن محمدا وتابعيه لم يكونوا على صعيد هبات القلب والفكر أدنى مرتبة من الأبطال ذائعى الصيت عند الشعوب الأخرى"
بعدما كانت النظرة  السائدة "أن محمدا مجرد مخادع ومنافق خسيس وبربرى أراق الكثير من الدماء على الأرض و أحرقها"
لا أكتب هذا الكلام فيما يتعلق بموقفنا الفكرى الان جلدا للذات أو تبريرا لموقفنا السائد الان والذى مرت به الأمم فى فترات تخلفها الفكرى والحضارى بقدر ما أرى أنه من المفروض أن نتبع الطريق الذى سلكه الاخرون ليصبحوا ما هم عليه الان من حضارة وتقدم  فقد فعل الغرب ذلك عندما اتبع خطى ابن رشد فى العقلانية و العلمانية وإن كان الغرب تطرف فى ما يتعلق بالعلمانية والنظرة إلى الدين فليس ذلك بوارد أو لازم أصلا لكى نفعله بنفس الصورة ولكن لا ينبغى أيضا أن نستبعد العقل لمصلحة تفسيرات متشددة فى ما يتعلق بالدين وعلاقته بأمورنا الحياتية و كما قال النبى "أنتم أعلم بشؤؤن دنياكم " خاصة ونحن أولى الناس بأن نسبق كما سبقنا من قبل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق